يعد الإنترنت من أقوى الوسائط التقنية في عالم اليوم سيما وأنه قرب المسافات بين الدول والشعوب حتى أضحى العالم غرفة واحدة.
هذا الوسيط التقني أصبح ظاهرة عالمية وحضارية تبث خلاله الأفكار والمعلومات والثقافات والمعارف الإنسانية المختلفة وتوجه للملايين الذين يستخدمونه على مدار اليوم والساعة. ومما يزيد من أهميته أنه صار ساحة للفكر والحوار ونشر الخبرات والتجارب المتشابهة منها والمتباينة.
والفكر الإسلامي ليس بمعزل عن ذلك وخصوصاً أنه فكر ناضج متجدد يتفاعل مع الظواهر والقضايا والأحداث ويؤثر فيها لما يتمتع به من مرجعية إسلامية تقوم على أصول الإسلام وقواعده، وفي نفس الوقت يتسم بالمرونة ويتعاطى مع كل الأدوات العصرية.
لذا جاء هذا البحث بعنوان : "فاعلية الإنترنت في إثراء الفكر الإسلامي" لاعتبارات عديدة أهمها:
1. أضحى الإنترنت ضرورة دينية وحضارية في نظر كثير من المفكرين والعلماء المسلمين.
2. ظهور العديد من المواقع الإسلامية على شبكة الإنترنت.
3. محاولة الباحث التعرف على مدى الأثر الذي أحدثته هذه المواقع في نشر الفكر الإسلامي.
ويأتي التركيز على المواقع الإسلامية على شبكة الإنترنت عبر عدة محاور تتمثل في الآتي:
1- تصنيف المواقع الإسلامية على شبكة الإنترنت وصعوبة قياس فاعليتها.
2- مشكلات تعوق تقدم المواقع الإسلامية على شبكة الإنترنت وأبرز ما تعانيه.
3- المكاسب التي حققتها المواقع الإسلامية على شبكة الإنترنت للإسلام.
4- دور المواقع الإسلامية في نشر الدعوة الإسلامية والفكر الإسلامي.
5- الآثار الايجابية والسالبة على مستخدمي شبكة الإنترنت.
كذلك يأتي هذا البحث محاولة لبناء رؤية واقعية حول مستقبل نشر الفكر الإسلامي عبر الإنترنت باعتبارها ساحة جديدة يمكن للعلماء والمختصين والمهتمين بالفكر الإسلامي أن يسخروها لنشر هذا الفكر للإنسانية جمعاء.
الإنترنت
نحن نعيش اليوم في عصر التكنولوجيا وثورة المعلومات وذلك بعدما أضحت التقنيات القديمة آخذة في الانحسار والناظر لواقع العالم يتبين له تسارع وتطور موارد المعلومات بالإضافة إلى سيطرة الدول الكبرى على السوق العالمي لهذه الموارد.
وعند البحث لواقع العالم الإسلامي وموقعه من ذلك يتبين أن هناك أزمة وتمكن هذه الأزمة التي تواجه وسائل الإعلام في العالم الإسلامي في الآتي: (1)
1. ظلت معظم هذه الوسائل تعتمد على الطرق البالية.
2. لا يمكن لهذه الوسائل التجاوب مع التقنيات الجديدة مثل استثمار شبكة الإنترنت وعدم القدرة على استخدام الحاسب الآلي وتخزين واسترجاع خلاصة ما أنتجه الفكر البشري في أقل حيز متاح وبأسرع وقت ممكن.
3. في الوقت الذي تستطيع فيه مصادر المعلومات الحديثة أن توفر كماً وفيراً من المعارف التي يمكن أن تسهم في تنمية المجتمعات الإسلامية، نجد أن مراكز المعلومات في هذه المجتمعات تعاني نقصاً حاداً في الكم والكيف.
ومن هنا تأتي أهمية الإنترنت باعتباره أداة تقنية عصرية نحتاج لإجادتها واستثمارها وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بالأفكار والثقافات.
وهذه التقنية العصرية مرت بمحطات تاريخية مهمة تمثلت في الآتي: (2)
1. ترجع جذور شبكة الإنترنت إلى عام 1957م عندما أنشأت وزارة الدفاع الأميركية وكالة لمشاريع الأبحاث المتقدمة تهتم بتطور العلوم التي تخدم الفترة آنذاك.
2. فترة الحرب الباردة والنجاح العسكري العلمي لروسيا إبان إطلاقها لأول قمر صناعي يدعى (سبوتنك) عام 1957م.
3. يشير أحد المتخصصين في شبكة الإنترنت في أميركا إلى تاريخ هذه الشبكة بأنه يرجع إلى عام 1969م، وتوالى ظهور شبكات فرعية أخرى للربط بين السفن البحرية الأمريكية وشبكة التخاطب وبين المواقع المتحركة بواسطة اللاسلكي.
ومن الملاحظ أن تاريخ شبكة الإنترنت بدأ نتيجة لاهتمامات عسكرية ثم تطور ليشمل المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية وشتى المعارف الإنسانية ومع ذلك تعد المعلومات هي العنصر الأساسي والمؤثر في قوة فاعلية هذه الشبكة.
وتعرف شبكة الإنترنت حسب المصطلح المعلوماتي المتفق عليه بأنها مجموعة من معدات معلوماتية متصلة ببعضها البعض والتسمية مأخوذة من كلمتين (International) ومعناها دولي (Net Work) ومعناها شبكة، أي الشبكة الدولية (internet)، كما تتكون الشبكة من جزء منها من المعدات (كالحواسيب والطرفيات) وبطاقات الواجهة التخاطبية مع الشبكة والكابلات وفي جزئها الأخير من البرمجيات: كالبرامج التطبيقية وبرامج إدارة الشبكة ونظام الحماية ثم الطاقم البشري الذي يتألف من تقنيين وإداريين من جهة مهمتهم قيد الاستثمار ومن زبائن الشبكة من جهة أخرى، وهم المستخدمون المستفيدون من الخدمات التي تقدمها لهم وأن هذه المكونات التقنية البرمجية البشرية هي القاعدة الأساسية لكل مسائل الاستخدام عن بعد. (3)
وبما أن الإنترنت مجموعة من الشبكات المتداخلة مع بعضها البعض وحتى تتمكن من الدخول إلى هذه الشبكة تحتاج إلي نقط ربط وذلك بإحدى الطرق الآتية: (4)
1- الربط الهاتفي Dial – up connection: يتم ذلك من خلال ربط الحاسوب الشخصي المستقل مباشرة بالإنترنت.
2- الربط عن طريق شبكة محلية: في حالة وجود شبكة منطقة محلية في مؤسسة ما ونريد ربط أحد الأجهزة بخدمات فعلينا أن نتأكد أن خدمة الإنترنت متوافرة لهذه الشبكة.
3- الربط المايكرووي: عن طريق وضع هوائيات استقبال وإرسال تربط المشترك بمزود خدمة الإنترنت وتستخدم هذه الطريقة عند الحاجة إلى نطاق تردد مرتفع للربط، ومن الجدير بالذكر بأن محددات هذه الطريقة ارتفاع تكلفة أجهزة الربط والصيانة.
4- الربط عن طريق شبكة الخدمات الرقمية المتكاملة ISDN: يتم ربط المشترك بمزود الخدمة عن طريق الإشارات الرقمية التي تقوم شبكات الاتصال أو شركات الاتصالات الخاصة بتزويد هذه الخدمة.
5- عن طريق خط مستأجر LEASEDLINE: لقد قامت شبكات الاتصال بتوفير خدمة خاصة للشركات والمؤسسات ربط شبكاتها المحلية بالمقاسم وذلك بتوفير خطوط خاصة تصل مباشرة بين المقسم والشبكة المحلية وذلك مقابل أجرة سنة لهذه الخدمة ويزيد هذا المبلغ بزيادة نطاق التردد المطلوب.
6- الربط عن طريق الهاتف الخلوي: نظراً لسعة انتشار استخدام الهواتف الخلوية فقد قامت شركات خدمات الاتصالات الخلوية بتوفير خطوط اتصال مع الإنترنت عن طريق الهاتف الخلوي المحمول باستخدام بروتوكول خاص يدعى (WAP) wireless Application Protocol.
7- الربط عن طريق خط المشترك الرقمي (SDL): تتيح هذه الخدمة الحصول على سرعة عالية باستخدام خطوط الهاتف الموجودة حيث يتم تقسيم خط الهاتف إلي مجالين من الذبذبات، يحتفظ بواحدة للصوت تحت معدل 4 كيلوهيرتز، والثانية فوق ذلك تستخدم لتبادل المعلومات عبر الإنترنت، هناك عدة عوامل انبثقت من هذا النوع وذلك بالاعتماد على التكنولوجيا المستخدمة في كل من المقسم والمستخدم، مزود الخدمة، جودة الأسلاك المسافة بين المشترك والمقسم، إضافة إلى نوع الأجهزة المستخدمة لهذا الغرض.
ويمتاز الإنترنت بخاصية أساسية وهي الاتصال الرقمي والذي يعد عملية اجتماعية تتبادل فيها عناصر الاتصال الأدوار في بث الرسائل الاتصالية المختلفة واستقبالها لتحقيق أهداف وأغراض معينة.
ويتسم الإنترنت كاتصال رقمي بمجموعة من الخصائص تتمثل في الآتي: (5)
أولاً/ التفاعلية: وتعني انتهاء فكرة الاتصال الخطي أو الاتصال في اتجاه واحد من المرسل إلى المتلقي وهو ما كان يتم به الاتصال الجمعي أو الجماهيري والنظامي اعتماداً على وسائل الاتصال الجماهيري التقليدية.
ثانياً/ التنوع: وتعني التنوع في عناصر العملية الاتصالية، التي وفرت للمتلقي اختيارات أكبر لتوظيف عملية الاتصال بما يتفق مع حاجاته ودافعه للاتصال.
ثالثاً/ التكامل: وتعني أن الفرد يمكن أن يختار ما يراه مطلوباً للتخزين بالبريد الإلكتروني وذلك لأن النظام الرقمي بمستحدثاته يوفر أساليب التعرض والإتاحة ووسائل التخزين في أسلوب متكامل خلال وقت التعرض إلى شبكة الإنترنت ومواقعها المتعددة.
رابعاً/ الفردية: يرفع الاتصال الرقمي من قيمة الفرد وتميزه، عندما توفر برامجه المتعددة وبروتوكولاته قدراً كبيراً من الخيارات التي منحت أطراف الاتصال حرية أوسع في التجول والاختيار والاستخدام وتقييم الاستفادة من عملية الاتصال.
خامساً/ تجاوز الحدود الجغرافية للمعلومات (الإنترنت): إنها شبكة الشبكات، تلتقي فيها مئات الآلاف من الشبكات الدولية والإقليمية التي تتزايد كل عام بنسبة كبيرة يصعب الآن بناء التوقعات حول أعدادها وتطويرها، ومعها يتزايد عدد مستخدمي الإنترنت في كل دولة من دول العالم بطريقة غير مسبوقة، نتيجة توفر إمكانيات الاتصال ورخص تكلفتها، مما أدى بالتالي إلى تجاوز الحدود الجغرافية وتميز الاتصال بالعالمية أو الكونية Globalization وسقوط الحواجز الثقافية بين أطراف عملية الاتصال سواء على المستوى الثنائي أو الجمعي الذي يحقق أهداف هذه الأطراف، أو على المستوى الجماهيري والثقافي من خلال مواقع القنوات التلفزيونية وصحف الشبكات التي أصبح يتعرض لها الملايين من سكان القارات الست على الرغم من اختلاف لغات البث والإذاعة.
سادساً/ تجاوز وحدة المكان والزمان: وطبيعي أن يرتبط اللاتزامن A synchronization بأشكال الاتصال التي لا يعتبر التزامن بين عمليتي الإرسال والاستقبال شرطاً ضرورياً لها مثل البريد الالكتروني Email أو التعرض لمواقع المواد الإعلامية مثل الصحف وبرامج التلفزيون والمواقع التعليمية والترفيهية المختلفة أما الاتصال الذي يتم من خلال الحوار أو الحديث أو الدردشة chat talks أو الاتصال الآني بالمجموعات news Group والمؤتمرات Tele conference فان التزامن يعتبر شرطاً ضرورياً للاتصال وان كان لا يتطلب وحدة المكان بين أطراف عملية الاتصال.
سابعاً/ الاستغراق في عملية الاتصال: من الخصائص المميزة للاتصال الرقمي انخفاض تكلفة الاتصال أو الاستخدام نظراً لتوفر البنية الأساسية للاتصال والأجهزة الرقمية وانتشارها وكذلك تطور برامج المعلومات ونظم الاتصال بتكلفة زهيدة مما شجع المستخدمين لأجهزة الحاسب وبرامجه على الاستغراق Flow في هذه البرامج بهدف التعلم لأوقات طويلة في إطار فردي.
أما الخدمات التي تقدمها هذه الشبكة لمستخدميها فيمكن تصنيفها ضمن الفئات الآتية: (6)
- نقل الملفات: يسمح نقل الملفات بكتابة المعلومات على حاسوب إلى آخر باستخدام الشبكة كوسيط ناقل.
- مشاركة الملفات: تذهب مشاركة الملفات إلى أبعد من نقل الملفات باعتبارها تسمح باستعمال ملف مخزن في حاسوب بعيد والنفاذ إلى الملفات المشتركة يكون شفافاً.
- البريد الالكتروني: تعمل دائرة البريد الالكتروني بنظام بريدي أسرع من البريد العادي ويمكن أن تحتوي الرسائل الالكترونية على النصوص أو عناصر لوسائل الإعلام المتعددة (كالصوت والصورة).
- الحصول على المعلومات: تساعد هذه الخدمات المعلوماتية في الحصول على المعلومات وتكون موصولة مع أنظمة للفهرسة والبحث ومهمتها تسهل جمع المعلومات.
- الطباعة: الاشتراك في طابعة على الشبكة يسمح بطباعة وثائق عن بعد.
- تنفيذ الأوامر عن بعد: يسمح تنفيذ الأوامر عن بعد بالاستفادة من طاقة الحاسب لحاسوب موصول مع الشبكة في تنفيذ العمليات الحسابية .
- إدارة الشبكة: تستخدم خدمات الإدارة من قبل المشرفين على الشبكة.
الفكر الإسلامي
قبل الحديث عن الفكر الإسلامي يجدر بنا أن نعرف الفكر. والفكر هو إعمال الخاطر في الشيء. (7)
أما تعريف الفكر الإسلامي فقد وردت تعاريف عديدة أهمها:
1- الفكر الإسلامي هو الذي ينطلق من الأصول الإسلامية من مصادر الإسلام ومقاصده وقيمه وألا يختلف معها في مقوماته ومناهجه وضوابطه. (
2- الفكر الإسلامي هو المنهج الذي يفكر به المسلمون أو الذي ينبغي أن يفكروا به، وما ينتج عن هذا المنهج منبثقاً من نظرة الإسلام العامة إلى الوجود ومتوافقاً مع قيم الإسلام ومعاييره ومقاصده. (9)
3- الفكر الإسلامي هو مجموع ما أنتجه العقل المسلم بعد تفاعله مع الإسلام والثقافة الإسلامية. (10)
4- الفكر الإسلامي هو ذلك التصور الخاص بالإسلام عن الكون والإنسان والحياة، ومنه تنطلق الثقافة الإسلامية في حركتها الواعية لبلوغ أهداف دين الإسلام ومراميه. (11)
5- الفكر الإسلامي هو من المفاهيم الحديثة التي راج استعمالها في الأدبيات المشكلة للخطاب العربي والإسلامي المعاصر، وهو بذلك مجموع الموضوعات التي تخاطب العقل البشري، والذي تدفعه إلى إعمال النظر والتأمل والنظر والتفكر والاستنتاج والبحث، فيما يتعلق بعلوم الشريعة وقضايا العقيدة والقيم والاتجاهات الحضارية والاجتماعية وغيرها، كل ذلك من وجهة نظر إسلامية مؤسسة على خلفية عقدية ثابتة القرآن الكريم والسنة النبوية. (12)
ومن الملاحظ أنه على الرغم من تعدد التعريفات إلا أنها ركزت على انطلاق الفكر الإسلامي من المصادر الإسلامية للتشريع الإسلامي بالإضافة إلى كونه تصور عام للحياة إلى جانب انطلاقه من الثقافة الإسلامية.
ولعلي أميل إلى التعريف الأخير وخصوصاً لأنه أشمل فهو عبر عن كل ما بناه أو تصوره أو أنتجه العقل المسلم وفقاً للمنهجية الإسلامية المبنية على الشريعة الإسلامية وتعاليمها وبذلك يمكن الخروج من الحرج الذي قد يعتري البعض لإدخال مفهوم الفكر الإسلامي في إطار فلسفي أو عقدي لا يبنى على الإسلام.
وباعتبار أن الفكر الإسلامي ينتسب بحكم انتسابه إلى الإسلام فإنه يتسم بالخصائص الآتية:(13)
1- شمولية نظرته إلى الوجود بجميع عناصره من خالق ومخلوقات، ومنها الإنسان بمختلف أبعاده الغيبي منها والروحي والحسي والنفسي ، وكذا بفاعلية علاقته مع الله تعالى ومع قرينه الإنسان ومع الكون.
2- انطلاقة من التصور الإسلامي وتوجيهاته، في مجال الوجود بطبيعة عناصره ومسيرة الكون والحياة، وفي مجال المعرفة بالإشادة بالعقل والعلم ووضع ضوابط للمعرفة وفي مجال القيم بدعوة الإسلام إلى الحق والعدل والحرية.
3- اعتبار العلم والعمل معاً، غاية من كل سعي يقوم به الإنسان، فإبن سيرين يعتبر العلم ديناً يدان به والجاحظ يصرح بأن "المعرفة لابد لها من عمل".
4- استثمار مناهج ومعايير وإرشادات القرآن والسنة النبوية.
ويرى البعض أن الفكر الإسلامي له خصائص كثيرة منها: (14)
1- إنسانية النزعة ، قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ). (15)
2- يحترم العقل ويقدره: كانت معجزة الفكر الإسلامي وهي القرآن الكريم عقلية وليست حسية.
3- يحترم العلم ويقدره.
4- يقدم الخبرة الإنسانية والتجارب البشرية.
وفي تقديري أن الفكر الإسلامي يقوم على قاعدة أساسية وهي الثبات في الأصول والاجتهاد في الفروع كما يقوم على جملة من الخصائص والسمات التي نحتاج إلى تعزيزها على أرض الواقع أهمها:
1- اعتماد مبدأ المبادرة والحوار والتفاعل مع الأخر بالاعتماد على الرصيد الإسلامي المعرفي والذي يقود في النهاية إلى الإقناع بالحسنى.
2- الاعتماد على المنهج الوسطي الذي لا افراط فيه ولا تفريط ومن هنا تأتي أهمية الفكر الإسلامي وانتقاله عبر الوسائط المختلفة وخصوصاً الانترنت .
فالنشاط الفكري يقوم على انتقال الأفكار الذي قد لا يستلزم بالضرورة انتقال الأشخاص العلماء ، فقد تنتقل الأفكار بالمدونات والكتب، أو بانتقال وسطاء من الأشخاص، فتمتد فكرة ما إلى مناطق بعيدة لم يصل إليها مبدع الفكرة. (16)
والأداة الأساسية في الفكر هي اللغة اذ بها يعبر المرء عن أفكاره وينشرها بين الناس، ولولا اللغة لما استطاع الإنسان أن يفكر ولا استطاع معرفة أفكار غيره. (17)
وما يميز الفكر الإسلامي على بقية الأفكار الوضعية تلك الأسس العامة التي يقوم عليها وهي: (18)
1- التوحيد الخالص: يقوم الفكر الإسلامي على توحيد الله تعالى في ذاته وأسمائه وصفاته، وأفعاله وإفراده بالعبادة والطاعة والحاكمية والتشريع، لأنه لا معبود بحق تنبغي له العبادة إلا الله تعالى.
2- إسلامية المصادر: يستمد الفكر الإسلامي وجوده من القرآن الكريم والسنة المطهرة وبناء على ذلك:-
أ- فالعقيدة الإسلامية لم تأت نتيجة تطور النظرة إلى الدين حتى توصلت إلى التوحيد الخالص، بل جاءت العقيدة بيضاء نقية دفعة واحدة من أول لحظة خالصة لله رب العالمين.
ب- ولم يأت الفكر الاجتماعي نتيجة حاجات اجتماعية معقدة وإنما هو وحي من عند الله تعالى.
ج- ولم يأت الفكر الاقتصادي نتيجة تطور وسائل الإنتاج، ولا ثمرة الصراع الطبقي وإنما جاءت مبادئه وحياً من عند الله تعالى.
د- ولم تأت مكانة المرأة نتيجة الجمعيات النسائية والنقابات العمالية، وإنما جاءت مبادئها وحياً من عند الله تعالى.
3- إسلامية القيم: إن قيم الفكر الإسلامي مستمدة من الإسلام، فالصدق والأمانة والشجاعة والرحمة والحياء وغير ذلك مما جاء به الإسلام قيم لا تتغير مع تغير الأزمان والأشخاص ولأجل ذلك استحقت الأمة الإسلامية أن تكون الأمة الوسط الشهيرة على سائر الأمم قال تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً). (19)
4- وحدة الدنيا والآخرة: يقوم الفكر الإسلامي على اعتبار الدنيا ممراً للآخرة وأن الآخرة هي دار القرار وإليها المصير والجزاء.
5- شمولية الفكر الإسلامي واستغناؤه عن غيره: لا يحتاج الفكر الإسلامي إلى غيره فهو شامل لنواحي الحياة كلها ، ولا يقبل الترقيع، كما يفعل بعض الناس الذين يأخذون الاقتصاد من الفكر الاشتراكي أو الرأسمالي والأخلاق والاجتماع من الفكر الغربي.
وعلى الرغم بما يقوم عليه الفكر الإسلامي وما يمتاز به إلا أنه تعرض للعديد من الشبهات التي أثيرت حوله وهو عنها براء ومن تلك الشبهات ما يلي: (20)
1- القول بأن الفكر الإسلامي مأخوذ من الشرائع السابقة، كاليهودية والنصرانية، بدليل التشابه بينه وبينها في بعض الأحكام، حسب إدعائهم ويجاب عن ذلك: بأن التشابه في بعض الأحكام لا يفهم منه الأخذ عنها بل يعني أن الله تعالى شرعها من الإسلام ما شرعها للأمم السابقة ، لأن الله عز وجل أنزل الشرائع كلها والأمور ثابتة لا تتغير.
2- القول بأن الفكر الإسلامي يعتريه الجمود والتخلف ويجاب عن ذلك : أن هذا الزعم باطل وغير صحيح فالفكر الإسلامي يتميز بالمرونة والسعة والشمول، كذلك بأنه مبني على قواعد في الأصول، كالعقائد والحدود والقصاص والإرث ونحوها، وأما غيرها من الأحكام فهي فروع، بعضها يقبل التعليل، وبعضها خاضع للاجتهاد، في ضوء روح الشريعة الإسلامية وفلسفتها.
3- وما نراه من جمود أحياناً فليس الإسلام سببه: بل سببه تقاعس العلماء المسلمين عن أخذ دورهم في الاجتهاد.
وفي تقديري أن النهوض والارتقاء بالنشاط الفكري وفق المنظور الإسلامي يتطلب نهضة وقومة حضارية تقوم على الثوابت الكلية للإسلام وتستوعب المتغيرات برؤية معاصرة.
وهذا يقتضي منا إعادة النظر في الأمور الآتية: (21)
1. لابد أن نؤكد على أصول العقيدة الثابتة القاطعة في كتاب الله تعالى وسنة نبيه (صلى الله عليه وسلم ) ، وفصلها من فروعها، والتأكيد على الأصول، وترك الفروع التي اختلف حولها العلماء حتى لا نتمزق من جديد.
2. عدَّ تيارات الفكر الإسلامي القديم تيارات اجتهادية جابهت الفلسفات والتيارات الفكرية في زمانها فأصابت وأخطأت وليس من المصلحة إحياؤها اليوم وإدارة صراعات جديدة عليها.
3. مواجهة الأفكار الجديدة بأسلوب جديد ومادة معرفية جديدة، منطلقين من كتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم).
4. تبني المنهج الشمولي في فهم الإسلام الذي يجمع بين العقيدة والشريعة والسلوك والحركة والبناء الحضاري، من خلال منهج عقلي أصولي سليم.
5. الإيمان بأن الفقه الإسلامي فقه متجدد لا يقف عند زمن معين ولا مذهب معين ومواجهة مشكلات العصر من خلال مقاصد الشريعة وقاعدة الأيسر وليس الأحوط.
تصنيف المواقع الإسلامية على شبكة الإنترنت وصعوبة قياس فاعليتها
مع التطور الذي أحدثته تكنولوجيا المعلومات وبظهور شبكة الإنترنت بدأ الاهتمام العربي والإسلامي بأهمية الاستفادة من تكنولوجيا المعلومات وخصوصاً الإنترنت حيث ظهرت العديد من المواقع العربية والإسلامية التي تنوعت في التخصصات والمضامين فضلاً عن المواقع الخدمية، بالإضافة إلى مدى فاعلية هذه المواقع في نشر الإسلام وبالأخص الفكر الإسلامي.
ويرى البعض أن بداية نشأة المواقع الإسلامية جاءت مع مبادرات مجموعات من شباب الإسلام ودعاته على المستويات الشخصية والمؤسسة في الفترة الأخيرة لاقتحام هذا الميدان، وظهرت على الشبكة العنكبوتية مواقع إسلامية متميزة في الطرح والأداء، تتمتع بمستوى فني وتقني راق ومتقدم وهي: (22)
1- المواقع الإسلامية الإخبارية: حيث تقدم الأخبار الموثوقة، منطلقة من تقييمها للأحداث من وجهة نظر إسلامية صحيحة، وتنشر التقارير التي تكشف عظم الكيد للمسلمين من قبل أعدائهم وتحذير من مكرهم وغدرهم، وتعرف بأحوال المضطهدين من المسلمين شعوباً وجماعات وأفراداً وتدعوا إلى نصرتهم وتبين السبل الموصلة إلى ذلك .
2- المواقع الدعوية الإسلامية: حيث تقدم للناس العلم النافع، والحجة المقنعة، والدلائل البينة، مما يدعو إلى الدخول في دين الله، والاستمساك بحبله المتين، واتباع رسوله الأمين (صلى الله عليه وسلم)، وهذه المواقع تقدم موادها المختلفة مقروءة وسمعية ومرئية بلغات العالم المتنوعة، وهي كذلك تخاطب المسلمين وغيرهم كل بما يناسبه.
3- المواقع الفنية الإسلامية: حيث تدرب المستخدمين على تصميم الصور واللوحات الدعوية، وتشرح كيفية استخدام البرامج الحديثة في هذا المجال، وتقوم بتصميم الإعلانات للبرامج الدعوية والمؤسسات الخيرية مجاناً، إضافة إلى نشر الصور المؤثرة والرسومات المعبرة الموحية التي تلخص في مضمونها ما تعجز عن شرحه آلاف الكلمات.
4- منتديات الحوار الإسلامية: حيث يلتقي فيها أبناء الإسلام لمناقشة قضاياهم وتبادل الآراء حول الموضوعات المختلفة، فتتلاقح أفكارهم وتتضافر جهودهم ويحصل بينهم التعارف والتآلف والتعاون على البر والتقوى، إضافة إلى ما في هذه المنتديات من دعوة إلى الخير ونشر العلم وتعريف بقضايا الأمة، وتبادل الخبرات وتوجيه لطاقات الشباب فيما ينفع ويفيد.
5- مواقع المؤسسات الإسلامية: حيث تقوم بالتعريف بهذه المؤسسات ودورها في خدمة الإسلام وأهله، كما تقوم باستقطاب الدعم لمشروعاتها المختلفة والتعريف بما يعانيه المسلمون هنا وهناك من نكبات وويلات.
6- مواقع الجرائد والمجلات: حيث تقوم بنشر موادها الكترونياً مما يعني انتشار أوسع وقراءة أكثر، وتجاوزاً لمقص الرقيب أو منع التوزيع.
7- المواقع الإسلامية الشاملة: حيث تجمع كثيراً مما سلف بيانه في موقع واحد، ففيها الأخبار والدعوة، والفن والفتوى، والحوار، وشؤون الأسرة والمرأة ومتابعة التقنية وغير ذلك، وهي التي تصلح أن تكون "صفحة البداية" أو "الصفحة الرئيسية" في برامج تصفح الشبكة ، بحيث يبدأ المستخدم بها أولاً ، ثم يتفرع منها إلى ما شاء من موضوعات.
8- المواقع الشخصية للعلماء والدعاة: حيث عبر هذه المواقع يتجاوز كثير من العلماء حدود الزمان والمكان ليتمكنوا من الوصول إلى قلوب الناس وعقولهم، كما أن المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها يستطيعون استفتاء من يثقون في عملهم ودينهم بحيث لا يضطرون إلى العمل ببعض الفتاوى الزائفة التي دأبت على ترويجها وسائل الإعلام المغرضة مما يخدم مصالح الأعداء ويشوه الصورة الحقيقية المشرقة لعلماء الأمة وسادتها.